28/04/2014

الاثنين، 28 سبتمبر 2015

"هل تريد معرفة اسم الله الأعظم؟" للشيخ عبد اللطيف بن هاجس الغامدي

                                  بسم الله الرحمن الرحيم




اللهم إني أسألك بأني أشهدُ أنَّك أنت الله لا إله إلا أنتَ، الأحدُ الصمدُ، الذي لم يلد، ولم يولد، ولم يكن له كفوًا أحد..




الحمد لله الذي له الأسماء الحسنى والصفات العلى، والصلاة والسلام على النبي المصطفى والرسول المجتبى، وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، أما بعد:
فإن أسماء الله تعالى قد بلغت في الحسن منتهاه، وفي الكمال أقصاه، ولا يحصيها إلا الله.
ومن رحمته بنا وفضله علينا أن أخبرنا ببعضها في كتابه العظيم وعلى لسان رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم، وأنزل بعضها على بعض الأنبياء والمرسلين، وفيما أنزل عليهم من كتب من لدنه سبحانه وعلم بعضًا منها ملائكته المقربين، واستأثر ببعضها، فلم يخبر بها أحدًا من خلقه، وهو الحكيم في تقديره، العليم في تدبيره.
ومن أسمائه العظيمة الجليلة الكريمة؛ اسم الله الأعظم، الذي إذا سئل به أعطى، وإذا دعي به أجاب، وإذا استنصر به نصر، وإذا استهدي به هدى، وإذا استعين به أعان، وإذا استرحم به رحم.
وقد أخفاه الله عن عباده رحمة بهم، ليسألوه به وبغيره من أسمائه وصفاته، فإذا ما أذنبوا سألوه باسمه (يا غفور) وإذا طلبوه الرحمة، قالوا: يا رحيم! وإذا ضاق عليهم الرزق، نادوه: يا رزاق! وإذا رجوا فضله، قالوا: يا لطيف!
وهكذا ففي كلِّ أحوالهم ومناسباتهم لهم من أسمائه وصفاته ما يناسب دعاءهم ورجاءهم، وتضرعهم وتبتلهم، وهذا من دلائل فضله وكرمه وجوده وإحسانه، فله الحمد كثيرًا كثيرًا.
قال تعالى: {وَلِلهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَىٰ فَادْعُوهُ بِهَا} [الأعرافمن الآية:180].
وقال تعالى: {أَيًّا مَّا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَىٰ} [الإسراء من الآية:110].
وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم بعض الأحاديث التي توحي باسم الله الأعظم الأكرم، فعن بريدة رضي الله عنه قال: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سمع رجلًا، يقول: اللهم إني أسألك بأني أشهدُ أنَّك أنت الله لا إله إلا أنتَ، الأحدُ الصمدُ، الذي لم يلد، ولم يولد، ولم يكن له كفوًا أحد؛ فقال: «لقدْ سألتَ اللهَ بالاسمِ الأعظمِ، الَّذي إذا سُئِلَ بِه أعطى وإذا دُعِيَ بِه أجابَ» (رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه وابن حبان، انظر: صحيح الترغيب والترهيب؛ برقم: [1640]).
عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: مرَّ النبي صلى الله عليه وسلم بأبي عيّاش زيد بن الصامت، وهو يصلي، وهو يقول: اللهمَّ إني أسألك بأنَّ لك الحمدَ، لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك، المنان، بديع السموات والأرض ّ ذو الجلالِ والإكرام، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لقد سألتَ اللهَ باسمِه الأعظمِ، الذي إذا دُعِيَ به أجاب»
(رواه أحمد وابن ماجه والحاكم ورواه أحمد وأبو داود والنسائي، انظر: صحيح الترغيب؛ برقم: [1641]).
وفي رواية: "اللهم إني أسألك بأن لك الحمد، لا إله إلا أنتَ الحنان المنان، بديعَ السموات والأرض، يا ذا الجلال والإكرام يا حي يا قيوم اللهم إني أسألك.." (صحيح ابن حبان؛ برقم: [893]).

وعن أسماء بنت يزيد رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «اسمُ اللهِ الأعظَمِ في هاتين الآيتَيْنِ:{وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ}، وفاتحةِ سورةِ آلِ عِمرانَ: {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ}» (رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه، انظر: صحيح الترغيب؛ برقم: [1642]).
ومعنى هذا أنه ربما يكون: الرحمن الرحيم، أو: الحي القيوم، أو: لا إله إلا هو.
وعن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «دعوةُ ذي النُّونِ إذ دعاه وهو في بطن الحوتِ: {لَا إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ}، فإنه لم يَدعُ بها رجلٌ مسلمٌ في شيءٍ قطُّ إلا استجاب اللهُ له» (رواه الترمذي والنسائي والحاكم، انظر: صحيح الترغيب؛ برقم: [1826]).
والذي يجب على كل مسلم أن يؤمن بأسماء الله جميعًا، ويتقرب إليه بدعائه ورجائه بهذه الأسماء، ويتملق ربه بالإكثار منها والتنوع فيها، وحسن دعائه بها، والدعاء كله خير، فتبتل إليه تبتيلًا.
{رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ} [القصص من الآية:24].

الأحد، 27 سبتمبر 2015

"فك السحر" للشيخ خالد عبد المنعم الرفاعي

                                     بسم الله الرحمن الرحيم 


السؤال:هل يَجوزُ فَكُّ السِّحر بِالسِّحر؟ وإذَا كانَ الجَوَابُ لا، فما العمل وزَوْجِي مسحورٌ وقَدْ هَجَرَنِي وأولادي مُنْذُ سنين؟
الإجابة:الحمدُ لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبِه ومَن والاه، أمَّا بعدُ:
فلا يَجوزُ حَلُّ السِّحر عنِ المَسْحُورِ بِسِحْرٍ مِثْلِه؛ لأنَّ التَّداويَ إنَّما يكونُ بِالحلالِ والمُباح، ولم يَجْعَلِ الله شِفاء المُسلمين فيما حرَّم عليْهِم، وقال النبيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم -: «إِنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ الدَّاءَ وَالدَّوَاءَ وَجَعَلَ لِكُلِّ دَاءٍ دَوَاءً فَتَدَاوَوْا وَلاَ تَدَاوَوْا بِحَرَام» ؛ رواه أبو داود من حديث أبي الدَّرداء - رضِيَ اللَّهُ عنه – وقال ابْنِ مسعودٍ - رضي الله عنه -: «إنَّ الله لَم يَجعَلْ شِفاءَكُم فيما حرَّم عليكم» ؛ رواه البُخاريُّ مُعلَّقًا.

ومن أعظم المحرَّمات السِّحر، فلا يَجوزُ التَّداوِي به، ولا حَلُّ السِّحْرِ بِمِثله؛ فَعَنْ جابرٍ - رضي الله عنه - أنَّ رسولَ اللَّه - صلَّى الله عليه وسلَّم - سئل عن النُّشْرَة؟ فقال: «هِيَ مِنَ الشَّيطان» ؛ رواهُ أحْمد، قال الحسنُ: النُّشرة من السِّحر.

قال العلامة ابْنُ القيِّم - رحِمه الله تعالى - في "إعلام الموقعين": "والنُّشرة حَلُّ السِّحر عن المسحور، وهي نوعان: حَلُّ سِحْرٍ بسِحْرٍ مِثْلِه؛ وهو الذي من عَمَلِ الشَّيطان، فإنَّ السِّحْرَ مِنْ عَمَلِه، فيتقرَّبُ إلَيْهِ النَّاشِرُ والمُنْتَشِرُ بِما يُحِبُّ فيُبْطِل عملَه عن المسحور، والثَّاني النُّشرة بِالرُّقية والتعوُّذات والدَّعوات والأدْوِية المُباحة، فهَذَا جائزٌ بَلْ مُسْتَحَبٌّ، وعلى النَّوْعِ المَذْمُوم يُحمَلُ قوْلُ الحَسن: لا يَحلُّ السِّحرَ إلا ساحر". انتهى.

وقال الحكمي في "سُلَّم الوصول":
وَحَلُّهُ بِالوَحْيِ نَصًّا يُشْرَعُ        أَمَّا  بِسِحْرٍ   مِثْلِهِ   فَيُمْنَعُ
وعليه؛ فمَنِ ابْتُلِي بسِّحر فليتحلَّ بالصَّبر، وأن يلجَأَ إلى اللَّه - عزَّ وجلَّ - ويعتمِدَ عليه وَحْدَه في كَشْفِ هذا الضُّر، وأن يُعظِمَ الرَّغْبَةَ إليْهِ سبحانه، ويلحَّ عليْهِ بِالدُّعاء وقْتَ السَّحَر، وأَدْبارَ الصلوات، فإنَّه كاشف الضُّرِّ، ومُجيب دعوة المُضطَرّ؛ {أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ} [النمل: 62]، مع أَخْذِه بالأسباب الشرعيَّة من الرُّقَى الشرعيَّة والأدعية النبويَّة ما يُبْطِل به هذا السِّحر، كما يُمْكِن الاستعانَةُ بِبَعْضِ أهْلِ الخَيْرِ والصَّلاح المختصِّين بِالمعالجة بالقرآن مِمَّنْ عُرِفُوا بالوَرَعِ والرُّقْيَة الشرعيَّة.

وليَعْلَمْ أنَّ في ذلك امتحانًا له؛ لِرَفْعِ درجاتِه عند الله إذا صبر واحتسب؛ فقدْ روى الترمذيُّ وابن ماجه من حديث أنس بن مالك - رضي الله عنه - عنِ النبي - صلى الله عليه وسلَّم - أنَّه قال: «إنَّ عِظَمَ الجَزَاءِ مَعَ عِظَمِ البَلاءِ وإِنَّ اللَّهَ إذا أَحَبَّ قَوْمًا ابتَلاهُمْ، فَمَنْ رَضِيَ فلَهُ الرِّضَا ومَنْ سَخِطَ فلَهُ السَّخَطُ» "؛ حسَّنه الألباني في صحيح الترمذي.

ولْيَحْذَرْ كل الحذر من طَرْقِ أبوابِ السَّحرة والكَهَنَةِ والعرَّافين، ولْيَحذَرْ منْ سُؤالِهم أو تصديقهم؛ فإنَّ الدَّاء الحقيقيَّ عِنْدَهم والهلاكَ المبين في أيديهم، ففي صحيح مسلم أنَّ النَّبِيَّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: «مَن أَتَى عَرَّافًا فسَأَلَهُ عن شَيْءٍ لَم تُقْبَلْ له صَلاةٌ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً» ، وفي مسند الإمام أحمد عن أَبِي هُرَيْرَةَ عن النَّبِيِّ - صلَّى اللَّهُ عليه وسلَّم - قَالَ:«مَنْ أَتَى كَاهِنًا أَوْ عَرَّافًا فَصَدَّقَهُ بما يَقُولُ فَقَد كَفَرَ بما أُنْزِلَ على مُحَمَّدٍ» ؛ صحَّحه الشيخ الألباني في صحيح الجامع.
والله أعلم.

اذكار الحج

                                      بسم الله الرحمن الرحيم 
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:



إن باب الدعاء واسع، وللمسلم أن يدعو ربه بما شاء من خيري الدنيا والآخرة في أي وقت وفي أي زمان، ويتضرع إليه، والله قريب من عباده الذاكرين، يجيب دعواهم ويسمع شكواهم، قال تعالى: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ} [البقرة: 186].

وهذه جملة من الأدعية والأذكار التي يحتاجها الحاج، مع أدعية جامعة لا تختص بزمان أو مكان:
1- دعاء المسافر لإخوانه المقيمين:
من السُّنة أن يدعو المقيمون للمسافر قائلين: «أستودع الله دينك وأمانتك وخواتيم عملك»، ويجيبهم بقوله: «أستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه»، كما ثبت ذلك في سنن الترمذي، من حديث عبد الله بن عمر، رضي الله عنهما.

2- دعاء الركوب:
إذا ركب المسافر راحلته من دابة أو طائرة أو سيارة، سُنَّ له أن يقول: «الله أكبر الله أكبر الله أكبر، سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مُقرنين، وإنَّا إلى ربنا لمُنقلِبون، اللهم إنا نسألك في سفرنا هذا البرَّ والتقوى، ومن العمل ما ترضى، اللهم هوِّن علينا سفرنا هذا، واطوِ عنا بُعده، اللهم أنت الصاحب في السَّفر والخليفة في الأهل، اللهم إني أعوذ بك من وعثاء السَّفر، وكآبة المنظر وسوء المُنقَلب في المال والأهل»، وإذا رجع قالهن وزاد فيهن: «آيبون تائبون عابدون لربنا حامدون»؛ كما ثبت ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما رواه مسلم.

3- التلبية:
والتلبية التي لبى بها رسول الله صلى الله عليه وسلم هي: «لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك»، وكان عبد الله بن عمر يزيد: «لبيك، لبيك وسعديك، والخير بيديك، لبيك والرَّغبَاء إليك والعمل»، كما ثبت ذلك في صحيح مسلم.

والسنة أن يجهر بها لما رواه الترمذي وغيره عن أبي بكر رضي الله عنه «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سُئل: أي الحج أفضل؟، فقال: العَجُّ والثَّجُّ»، والعج: رفع الصوت بالتلبية، والثج: نحر الهدي.

4- دعاء الطواف:
يستحب للمسلم أن يدعو الله بما شاء أثناء طوافه، فلم يَرِدْ عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك دعاء خاص، سوى ما ورد أنه كان يقرأ بين الركن اليماني والحجر الأسود: {رَبَّنَا آَتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآَخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} [البقرة: 201] (رواه أحمد وغيره)، ولا بأس أن يتلو القرآن أثناء طوافه، وأن يثني على الله بأنواع الذكر، فإن المقام مقام تعظيم لله عز وجل وثناء عليه.

5- الدعاء عند شرب ماء زمزم:
ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «ماء زمزم لما شُرِبَ له» (رواه أحمد)، فيُستحب للمسلم أن يتخيَّر من الدعاء أعجبه عند شربه من هذا الماء المبارك، وكان ابن عباس رضي الله عنه إذا شرب ماء زمزم قال: "اللهم إني أسألك علمًا نافعًا، ورزقًا واسعًا، وشفاءً من كل داء".

6- الدعاء عند صعود الصفا والمروة:
إذا شرع الحاج في السعي فإنه يبدأ بالصفا، وعند دنوه منه يقرأ قوله تعالى: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} [البقرة: 158]، ويقول: "أبدأ بما بدأ الله به"، ثم يرقى على الصفا ويستقبل الكعبة ويقول: "لا إله إلا الله والله أكبر" ثلاث مرات، ويقول: «لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير، لا إله إلا الله وحده أنجز وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده»، يكرر ذلك ثلاث مرات ويدعو بينها، ويفعل على المروة مثل فعله على الصفا، كما ثبت ذلك في صحيح مسلم عن جابر رضي الله عنه ولا يكرر قوله: "{إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ}، أبدأ بما بدأ الله به".

7- الدعاء يوم عرفة:
ثبت عند الترمذي من حديث عبد الله بن عمرو أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «خير الدعاء دعاء يوم عرفة، وخير ما قلتُ أنا والنبيون من قبلي: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير»، وفي رواية في المسند: "«كان أكثر دعاء النبي صلى الله عليه و سلم يوم عرفة: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد بيده الخير، و هو على كل شيء قدير».

فيستحب للمسلم أن يشغل وقته في هذا اليوم بالدعاء والتضرع إلى الله عز وجل، والإكثار من شهادة التوحيدبإخلاص وصدق، وقد اخترنا لك -أخي الحاج- مجموعة من جوامع الدعاء؛ لتشتغل بترديدها مع حضور قلب وفهم معنى، وصدق توجه إليه سبحانه.

أدعية جامعة من القرآن والسنة:
أولاً: أدعية قرآنية:
- {رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ} [البقرة: 286].

- {رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ} [آل عمران: 8].

- {رَبَّنَا إِنَّكَ مَنْ تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ . رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلْإِيمَانِ أَنْ آَمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآَمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الْأَبْرَارِ . رَبَّنَا وَآَتِنَا مَا وَعَدْتَنَا عَلَى رُسُلِكَ وَلَا تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّكَ لَا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ} [ آل عمران: 192- 194].

- {رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ} [النمل: 19].

- {رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا} [الفرقان: 74].

- {رَبِّ هَبْ لِي حُكْمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ . وَاجْعَلْ لِي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآَخِرِينَ . وَاجْعَلْنِي مِنْ وَرَثَةِ جَنَّةِ النَّعِيمِ} [الشعراء: 83- 85].

- {رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلَاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاءِ . رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ} [إبراهيم: 40- 41].

ثانيًا: أدعية من السنة:
- «اللهم إني أسألك من الخير كله عاجله وآجله، ما علمتُ منه وما لم أعلم، وأعوذ بك من الشر كله، عاجله وآجله، ما علمتُ منه وما لم أعلم، اللهم إني أسألك من خير ما سألك منه عبدك ونبيك، وأعوذ بك من شر ما استعاذ منه عبدك ونبيك، اللهم إني أسألك الجنة وما قرب إليها من قول أو عمل، وأعوذ بك من النار وما قرب إليها من قول أو عمل، وأسألك أن تجعل كل قضاء قضيته لي خيرًا» (رواه ابن ماجه وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم: 1276).
- «اللهم إني أعوذ بك من العجز والكسل، والجبن والهرم والبخل، وأعوذ بك من عذاب القبر، وأعوذ بك من فتنة المحيا والممات، وضلع الدين، وغلبة الرجال» (رواه البخاري: 2823).

- «اللهم أصلح لي ديني الذي هو عصمة أمري، وأصلح لي دنياي التي فيها معاشي، وأصلح لي آخرتي التي إليها معادي، واجعل الحياة زيادة لي في كل خير، واجعل الموت راحة لي من كل شر» (رواه مسلم: 2720).

- «اللهم إني أسألك بأني أشهد أنك أنت الله الذي لا إله إلا أنت الأحد الصمد، الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوًا أحد، أن تغفر لي ذنوبي، إنك أنت الغفور الرحيم» (رواه أحمد وصححه الألباني في التوسل برقم: 33).

- «اللهم احفظني بالإسلام قائمًا، واحفظني بالإسلام قاعدًا، واحفظني بالإسلام راقدًا، ولا تشمت بي عدوًّا ولا حاسدًا، اللهم إني أسألك من كل خير خزائنه بيدك، وأعوذ بك من كل شر خزائنه بيدك» (صححه الألباني في صحيح الجامع برقم: 1260).

- «اللهم أسألك خشيتك في الغيب والشهادة، وأسألك القصد في الفقر والغني، وأسألك نعيمًا لا ينفد وأسألك قرة عين لا تنقطع، وأسألك الرضى بعد القضاء، وأسألك برد العيش بعد الموت، وأسألك لذة النظر إلى وجهك والشوق إلى لقائك، في غير ضراء مضرة، ولا فتنة مضلة، اللهم زينَّا بزينة الإيمان، واجعلنا هداة مهتدين» (رواه النسائي وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم: 1301).

- «اللهم اقسم لنا من خشيتك ما تحول به بيننا وبين معاصيك، ومن طاعتك ما تبلغنا به جنتك، ومن اليقين ما تهون به علينا مصائب الدنيا، ومتعنا بأسماعنا وأبصارنا وقوتنا ما أحييتنا، واجعله الوارث منا، واجعل ثأرنا على من ظلمنا، وانصرنا على من عادانا، ولا تجعل مصيبتنا في ديننا، ولا تجعل الدنيا أكبر همنا ولا مبلغ علمنا، ولا تسلط علينا من لا يخافك فينا ولا يرحمنا» (حسنه الألباني في تخريج مشكاة المصابيح برقم: 2426).

- «اللهم إني أعوذ بك من العجز والكسل، والجبن والبخل، والهرم وعذاب القبر، اللهم آتِ نفسي تقواها، وزكها أنت خير من زكاها، أنت وليها ومولها، اللهم إني أعوذ بك من علم لا ينفع، ومن قلب لا يخشع، ومن نفس لا تشبع، ومن دعوة لا يستجاب لها» (رواه مسلم: 2722).

- «رب أعنِّي ولا تُعِنْ عليَّ، وانصرني ولا تنصر علي، وامكر لي ولا تمكر علي، واهدني ويسر الهدى لي، وانصرني على من بغى علي، رب اجعلني لك ذكَّارًا، لك شكَّارًا، لك رهابًا، لك مطواعًا، لك مخبتًا، إليك أواهًا منيبًا، رب تقبل توبتي، واغسل حوبتي، وأجب دعوتي، وثبت حُجتي، واهدِ قلبي، وسدد لساني، واسلُل سَخِيمةَ صدري» (رواه البخاري في الأدب المفرد، وأحمد والترمذي وابن ماجه وصححه الألباني).

- «اللهم إني أعوذ بك من فتنة النار وعذاب النار، وفتنة القبر وعذاب القبر، ومن شر فتنة الغنى، ومن شر فتنة الفقر، وأعوذ بك من شر فتنة المسيح الدجال، اللهم اغسل خطاياي بالماء والثلج والبرد، ونقِّ قلبي من الخطايا كما نقيت الثوب الأبيض من الدنس، وباعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب، اللهم إني أعوذ بك من الكسل والهرم، والمأثَم والمَغرَم» (رواه النسائي والترمذي وابن ماجه وصححه الألباني).

- «اللهم إني أعوذ بك من قلب لا يخشع، ومن دعاء لا يُسمع، ومن نفس لا تشبع، ومن علم لا ينفع، وأعوذ بك من هؤلاء الأربع» (صححه الألباني في صحيح الترمذي برقم: 3482).

والله نسأل أن يتقبل منا ومنكم صالح الأعمال.



ماذا تقول إذا لقيت من تخاف؟ عبد اللطيف بن هاجس الغامدي

                                  بسم الله الرحمن الرحيم 
 



الحمد لله أمان الخائفين، وأنيس المستوحشين، وجابر قلوب المفزوعين، ورابط نفوس الوجلين، والصلاة والسلام على أشرف الخلق، وأخشاهم للخالق، وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، أما بعد: 
فقد تمرُّ بالعبد لحظات عصيبة، ومواقف رهيبة، يُلزم فيها بلقاء من يخاف بطشه، ويخشى نقمته، وتنقطع عنه أسباب النجاة الدنيوية، ولا يبقى له إلا الحبل الممدود إلى السماء، بالدعاء والرجاء، فهو يدعو القريب المجيب، الذي بيده مقاليد السماء والأرض، وأمره بين الكاف والنون، فهو الذي يجير ولا يجار عليه، فمن له غير الله، يكيد له، ويدفع عنه، ويصد عند كيد الكائدين، ويرد عنه مكر الماكرين، وينجيه من عدوه، ويحميه مما يخافه، فإلى الله المفزع، وفيه المطمع، وبين يديه المآب والمرجع!
وإليك أيها الحبيب ما تقرُّ به عينك، ويطمئن به قلبك، وتسكن به نفسك، من الأدعية المباركة الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن أصحابه الأخيار، ولم أستوفها في الحقيقة، وإنما أردت أن أعرض لبعضها لتوحي بغيرها، وأعرضت عن كثير من الأدعية التي وردت عن بعض السلف والعلماء والمجاهدين في مثل هذه المواقف، التي ترادفت عليهم فيها المتالف، ففزعوا إلى الله، وتضرعوا بين يديه، ولجأوا إليه، فكان النصر حليفهم، والفرج من بعد الشدة نهايتهم، والسعة من بعد الضيق خاتمتهم، وإليك ما وعدتك به، فمنها:
عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا غزى، قال: «اللَّهُمَّ أَنْتَ عَضُدِي، وَأَنْتَ نَصِيرِي وَبِكَ أُقَاتِلُ» (صحيح الترمذي؛ برقم: [3584]).
وفي رواية: «اللَّهُمَّ أَنْتَ عَضُدِي وَنَصِيرِي، بِكَ أَحُولُ، وَبِكَ أَصُولُ، وَبِكَ أُقَاتِلُ» (صحيح أبي داود: [2632]).
وعن أبي بردة رضي الله عنه قال: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا خاف قومًا، قال: «اللَّهمَّ إنَّا نجعلُك في نُحورِهِم ونعوذُ بِكَ من شُرورِهم» (صحيح أبي داود؛ برقم: [1537]).
وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: "إذا خافَ أحدُكم السُّلطانَ الجائرَ فليقُلْ:اللهُمَّ ربَّ السَّماواتِ السَّبعِ، وربَّ العرشِ العظيمِ، كُن لي جارًا مِن فلانِ ابنِ فلانٍ وأتباعِهِ مِن خلقِكَ؛ من الجنِّ والإنسِ؛ أن يفرُطَ عليَّ أحدٌ مِنهم، أو أن يَطغى، عزَّ جارُكَ، وجلَّ ثناؤُكَ، لا إلهَ إلا أنتَ" (صحيح موقوف، انظر: صحيح الترغيب والترهيب؛ برقم: [2237]).
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: "إذا أتيتَ سلطانًا مَهيبًا تخافُ أن يسطوَ بِكَ فقلِ: اللَّهُ أَكبرُ اللَّهُ أعز من خلقِهِ جميعًا اللَّهُ أعزُّ ممَّا أخافُ وأحذرُ أعوذُ باللَّهِ الَّذي لا إلَهَ إلَّا هُو الممسِكِ السَّماواتِ أن يقعنَ على الأرضِ إلَّا بإذنِهِ من شرِّ عبدِكَ فلانٍ وجنودِهِ وأتباعِهِ وأشياعِهِ منَ الجنِّ والإنسِ اللهم كن لي جارًا من شرِّهم جلَّ ثناؤُكَ وعزَّ جارُكَ وتبارَكَ اسمُكَ ولا إلَهَ غيرُكَ ثلاثُ مرَّاتٍ" (صحيح موقوف؛ انظر: صحيح الترغيب والترهيب؛ برقم: [2238]).
وعن أبي مجلز لاحق بن حميد رضي الله عنه قال: "مَنْ خَافَ مِنْ أَمِيرٍ ظُلْمًا، فَقَالَ: رَضِيتُ بِاللَّهِ رَبًّا وَبِالْإِسْلَامِ دِينًا وَبِمُحَمَّدٍ نَبِيًّا وَبِالْقُرْآنِ حَكَمًا وَإِمَامًا أَنْجَاهُ اللَّهُ مِنْهُ" (صحيح موقوف، انظر: صحيح الترغيب والترهيب: [2/539 - 2239]).

هذا بعض ما ورد في الموضوع، والأصل الأصيل الذي لا يحتاج منا إلى دليل؛ أن الدعاء والتضرع بين يدي الله من أعظم أسباب النجاة من خزي الدنيا وعذاب الآخرة.
قال تعالى: {أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ} [النمل من الآية:62].
إنه الله! ولا أحد سواه.. فعلِّق القلب بالرب، لتأوي إلى ركن شديد، والله على ما نقول شهيد.

دعاء ليلة القدر

                                 بسم الله الرحمن الرحيم 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
اللهم إنك عفو كريم تحب العفو فاعف عني


عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت: قلت: يا رسول الله، أرأيت إن علمت أي ليلةٍ ليلةُ القدر ما أقول فيها؟ قال: «قولي: اللهم إنك عفو كريم تحب العفو فاعف عني»؛ رواه الترمذي وقال: هذا حديث حسن صحيح[1].
وفي لفظٍ لابن ماجه: عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: يا رسول الله، أرأيتَ إن وافقت ليلة القدر ما أدعو؟ قال: «تقولين: اللهم إنك عفو كريم تحب العفو فاعف عني».
الفوائد والأحكام:
فضيلة الدعاء ليلة القدر، وأنه حريٌّ بالإجابة، واستحباب الدعاء بجوامع الكلم، وعدم تكلُّف الأدعية التي فيها سجْع أو لا يُفهَم معناها، وأن هذا الدعاء الذي أرشد إليه النبي صلى الله عليه وسلم من أجمع الدعاء وأنفعِه، وأنه جامع لخَيريالدنيا والآخرة؛ ذلك أن الله تعالى إذا عَفا عن العباد في الدنيا رفع عنهم العقوبات، وتابع عليهم النِّعَم، وإذا عفا عنهم في الآخرة سلَّمهم من النار، وأدخلهم الجنة.
_________
[1]- رواه الترمذي؛ برقم: [3513]، وابن ماجه؛ برقم: [3850]، والنسائي في الكبرى؛ برقم: [10708]، وأحمد؛ برقم: [6/171]، وصحَّحه الحاكم وقال: "على شرط الشيخين" [1/712].

 د. محمد أحمد عبد الغني

كيف نحيي ليلة القدر ومتى تكون؟

                                          بسم الله الرحمن الرحيم 


           الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
          السؤال:
          كيف يكون إحياء ليلة القدر؛ أفي الصلاة أم بقراءة القرآن والسيرة النبوية       والوعظ والإرشاد والاحتفال لذلك في المسجد؟
الإجابة:
الحمد لله تعالى
أولاً:
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجتهد في العشر الأواخر من رمضان مالا يجتهد في غيرها بالصلاة والقراءة والدعاء، فروى البخاري ومسلم عن عائشة رضي الله تعالى عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم: «كان إذا دخل العشر الأواخر أحيا الليل وأيقظ أهله وشد المئزر». ولأحمد ومسلم: «كان يجتهد في العشر الأواخر مالا يجتهد في غيرها» .
ثانياً:
حث النبي صلى الله عليه وسلم على قيام ليلة القدر إيماناً واحتساباً، فعن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه» (متفق عليه)، وهذا الحديث يدل على مشروعية إحيائها بالقيام.
ثالثاً:
من أفضل الأدعية التي تقال في ليلة القدر ما علمه النبي صلى الله عليه وسلم عائشة رضي الله تعالى عنها، فروى الترمذي وصححه عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت: قلت يا رسول الله أرأيت إن علمت أي ليلة ليلة القدر ما أقول فيها؟ قال: «قولي: اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني».
رابعاً:
أما تخصيص ليلة من رمضان بأنها ليلة القدر فهذا يحتاج إلى دليل يعينها دون غيرها، ولكن أوتار العشر الأواخر أحرى من غيرها والليلة السابعة والعشرون هي أحرى الليالي بليلة القدر؛ لما جاء في ذلك من الأحاديث الدالة على ما ذكرنا.
خامساً:
وأما البدع فغير جائزة لا في رمضان ولا في غيره، فقد ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد»، وفي رواية : «من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد».
فما يفعل في بعض ليالي رمضان من الاحتفالات لا نعلم له أصلا، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها.
وبالله تعالى التوفيق.
(اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء:10/413)

أيهما أفضل ؟ "الذكر" أم "قراءة القرآن"؟ للشيخ محمد بن صالح العثيمين

                                                                  بسم الله الرحمن الرحيم 

          الحمد لله والصلاة والسلام على  رسول الله وبعد :


          السؤال:
          أيهما أفضل الذكر أم قراءة القرآن؟
الإجابة:
 المفاضلة بين الذكر والقرآن، فالقرآن من حيث الإطلاق أفضل من الذكر.

لكن الذكر عند وجود أسبابه أفضل من القراءة، مثال ذلك الذكر الوارد أدبار الصلوات أفضل في محله من قراءة القرآن، وكذلك إجابة المؤذن في محلها أفضل من قراءة القرآن وهكذا.

وأما إذا لم يكن للذكر سبب يقتضيه فإن قراءة القرآن أفضل.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

مجموع فتاوى و رسائل الشيخ محمد صالح العثيمين المجلد الرابع عشر - باب صلاة التطوع.

ما هو أفضل الذكر على الإطلاق؟


                         بسم الله الرحمن الرحيم
                                وبه نبدا ونستعين
       والصلاة والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين
 اما  بعد ..



                 السؤال:

                  ما أفضل الذكر إطلاقا؟ هل هو قراءة القرآن أم التهليل؟



     الإجابة:

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه أجمعين.  

اتفق أهل العلم على أن أفضل الذكر هو القرآن الكريم.
قال سفيان الثّوري رحمه الله تعالى: "سمعنا أنّ قراءة القرآن أفضلُ الذِّكر إذا عمل به" (فقه الأدعية والأذكار :1/50).


قال الإمام النووي: "اعلم أن تلاوة القرآن هي أفضل الأذكار والمطلوب القراءة بالتدبر" انتهى من (الأذكار:101) .
ولكن الجمع بين فضائل الأعمال من قراءة القرآن والأذكار أفضل عند التمكن منه.


قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى:


"الشَّيْءَ إذَا كَانَ أَفْضَلَ مِنْ حَيْثُ الْجُمْلَةُ لَمْ يَجِبْ أَنْ يَكُونَ أَفْضَلَ فِي كُلِّ حَالٍ، وَلَا لِكُلِّ أَحَدٍ، بَلْ الْمَفْضُولُ فِي مَوْضِعِهِ الَّذِي شُرِعَ فِيهِ أَفْضَلُ مِنْ الْفَاضِلِ الْمُطْلَقِ، كَمَا أَنَّ التَّسْبِيحَ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ أَفْضَلُ مِنْ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ وَمِنْ التَّهْلِيلِ وَالتَّكْبِيرِ، وَالتَّشَهُّدِ فِي آخِرِ الصَّلَاةِ وَالدُّعَاءُ بَعْدَهُ أَفْضَلُ مِنْ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ" انتهى من (مجموعالفتاوى:24 / 236-237).


وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى:


"قد يعرض للمفضول ما يجعله أفضل من الفاضل، مثاله: قراءة القرآن من أفضل الذكر، والقرآن أفضل الذكر، فلو كان رجل يقرأ وسمع المؤذن يؤذن، فهل الأفضل أن يستمر في قراءته أو أن يجيب المؤذن؟ هنا نقول: إن الأفضل أن يجيب المؤذن، وإن كان القرآن أفضل من الذكر، لكن الذكر في مكانه أفضل من قراءة القرآن الكريم؛ لأن قراءة القرآن غير مقيدة بوقت متى شئت فاقرأ، لكن إجابة المؤذن مربوطة بسماع المؤذن" انتهى من (لقاءات الباب المفتوح).


وقال الشيخ ابن باز رحمه الله تعالى:


"الأوراد الشرعية من الأذكار والدعوات الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم: فالأفضل أن يؤتى بها في طرفي النهار بعد صلاة الفجر وصلاة العصر، وذلك أفضل من قراءة القرآن؛ لأنها عبادة مؤقتة تفوت بفوات وقتها، أما قراءة القرآن فوقتها واسع".
انتهى من (مجموع فتاوى ابن باز:8 / 312)، وينظر أيضا: (26 / 72).
والله تعالى أعلى وأعلم.

الاثنين، 24 أغسطس 2015

فضائل كلمة التوحيد

                                                                     بسم الله الرحمن الرحيم   


السؤال
ما هو فضل ذكر لا إله إلا الله؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فكلمة (لا إله إلا الله) أفضل الذكر بعد القرآن، صرح بذلك القرطبي، والطيبي، واستظهره ابن حجر، لما في الحديث: { أفضل الدعاء يوم عرفة، وأفضل ما قلت أنا والنبيون من قبلي: لا إله إلا الله وحده لا شريك له. رواه مالك في الموطأ، وصححه الألباني. وفي حديث جابر مرفوعاً: أفضل الذكر لا إله إلا الله. رواه الترمذي، وحسنه الألباني. ولأنها مفتاح الإسلام وبابه الذي لا يدخل إليه إلا منه، وعموده الذي لا يقوم بغيره، وهي أحد أركان الإسلام.انتهى بتصرف من الموسوعة الفقهية.

وقد حاول جمع فضائل لا إله إلا الله غير واحد من العلماء؛ منهم الحافظ ابن رجب في رسالة مستقلة، وقد جمع الشيخ حافظ حكمي فضائلها، وشروطها، وما يتعلق بها في معارج القبول عند قوله في النظم:
وَقَدْ حَوَتْهُ لَفْظَةُ الشَّهَادَةِ ... فَهْيَ سَبِيلُ الْفَوْزِ وَالسَّعَادَةِ
مَنْ قَالَهَا مُعْتَقِدًا مَعْنَاهَا ... وَكَانَ عَامِلًا بِمُقْتَضَاهَا
فِي الْقَوْلِ وَالْفِعْلِ وَمَاتَ مُؤْمِنَا ... يُبْعَثُ يَوْمَ الْحَشْرِ نَاجٍ آمِنَا
ومما ذكره فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ, أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سَمِعَ مُؤَذِّنًا يَقُولُ: "أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ" فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: خَرَجْتَ مِنَ النَّارِ. وَفِيهِ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ-رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: مَنْ شَهِدَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ, حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ النَّارَ. وَفِي حَدِيثِ الشَّفَاعَةِ الْآتِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى: أَخْرِجُوا مِنَ النَّارِ مَنْ قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ, وَكَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ إِيمَانٍ. متفق عليه. وَهِيَ سَبَبُ دُخُولِ الْجَنَّةِ, كَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ, صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ قَالَ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَأَنَّ عِيسَى عَبْدُ اللَّهِ وَابْنُ أَمَتِهِ، وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ, وَأَنَّ الْجَنَّةَ حَقٌّ، وَأَنَّ النَّارَ حَقٌّ؛ أَدْخَلَهُ اللَّهُ الْجَنَّةَ مِنْ أَيِّ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ الثَّمَانِيَةِ شَاءَ.متفق عليه. وَفِي رِوَايَةٍ: أَدْخَلَهُ اللَّهُ الْجَنَّةَ عَلَى مَا كَانَ مِنْ عَمَلٍ. وَهِيَ أَفْضَلُ مَا ذُكِرَ اللَّهُ -عَزَّ وَجَلَّ- بِهِ، وَأَثْقَلُ شَيْءٍ فِي مِيزَانِ الْعَبْدِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ, كَمَا فِي الْمُسْنَدِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- عَنِ النَّبِيِّ, صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ نُوحًا -عَلَيْهِ السَّلَامُ- قَالَ لِابْنِهِ عِنْدَ مَوْتِهِ: آمُرُكَ بِلَا إِلَهٍ إِلَّا اللَّهُ؛ فَإِنَّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعَ وَالْأَرَضِينَ السَّبْعَ لَوْ وُضِعْنَ فِي كِفَّةٍ، وَوُضِعَتْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ فِي كِفَّةٍ؛ لَرَجَحَتْ بِهِنَّ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ, وَلَوْ أَنَّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعَ وَالْأَرَضِينَ السَّبْعَ كن حلقة مبهمة لقصمتهن لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ. رواه أحمد، وصححه الألباني ، .. وَفِي التِّرْمِذِيِّ وَالنَّسَائِيِّ. وَفِي الْمُسْنَدِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: إِنَّ اللَّهَ سَيُخَلِّصُ رَجُلًا مِنْ أُمَّتِي عَلَى رُؤوسِ الْخَلَائِقِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَيَنْشُرُ عَلَيْهِ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ سِجِلًّا, كُلُّ سِجِلٍّ مِثْلُ مَدِّ الْبَصَرِ ثُمَّ يَقُولُ: أَتُنْكِرُ مِنْ هَذَا شَيْئًا؟ أَظْلَمَكَ كَتَبَتِي الْحَافِظُونَ؟ فَيَقُولُ: لَا يَا رَبِّ. فَيَقُولُ: أَفَلَكَ عُذْرٌ؟ فَيَقُولُ: لَا يَا رَبِّ. فَيَقُولُ: بَلَى إِنَّ لَكَ عِنْدَنَا حَسَنَةً, وَإِنَّهُ لَا ظُلْمَ عَلَيْكَ الْيَوْمَ, فَيُخْرِجُ بِطَاقَةً فِيهَا أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ, وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ فَيَقُولُ: احْضُرْ وَزْنَكَ فَيَقُولُ: يَا رَبِّ مَا هَذِهِ الْبِطَاقَةُ مَعَ هَذِهِ السِّجِلَّاتِ؟ فَقَالَ: فَإِنَّكَ لَا تُظْلَمُ قَالَ: فَتُوضَعُ السِّجِلَّاتُ فِي كِفَّةٍ وَالْبِطَاقَةُ فِي كِفَّةٍ, فَطَاشَتِ السِّجِلَّاتُ وَثَقُلَتِ الْبِطَاقَةُ, وَلَا يَثْقُلُ مَعَ اسْمِ اللَّهِ تَعَالَى شَيْءٍ. قَالَ التِّرْمِذِيُّهَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ، وصححه الألباني.
فراجعيه فإنه فريد في بابه، والكتاب متوفر على الشبكة، والمكتبة الشاملة، وغيرها.
وكذا كتاب: " الكلمة المقدسة " للشيخ محمد إسماعيل السكندري -حفظه الله-
رزقنا الله وإياكم الحياة والممات على الشهادة.
والله أعلم.

الاثنين، 17 أغسطس 2015

حكم ذكر الله بالقلب فقط دون تحريك الشفتين

                                                              بسم الله الرحمن الرحيم


                   السؤال:
                     السَّلام عليْكم،
            ما حكم مَن يذكُر الله بقلبِه وبلِسانه من دون تَحريك الشَّفتين؟

            جزاكم الله خيرًا.
الإجابة:
 الحمدُ لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبِه ومَن والاه، أمَّا بعدُ:
فإنَّ الذِّكر بالقلب أو في النَّفس مشروع؛ لما في الصَّحيحَين عن أبي هُريرة - رضِي الله عنه - قال: قال النَّبيُّ - صلَّى الله عليْه وسلَّم -: «يقول الله تعالى: أنا عند ظنِّ عبْدي بي، وأنا معه إذا ذكرني، فإن ذكرني في نفسِه ذكرتُه في نفسي، وإن ذكرني في ملأٍ ذكرْتُه في ملأٍ خيرٍ منهُم، وإن تقرَّب إليَّ شبرًا تقرَّبتُ إليْه ذراعًا، وإن تقرَّب إليَّ ذراعًا تقرَّبت إليه باعًا، وإن أتاني يمشي أتيتُه هرْولة».

قال ابن بطَّال في شرح البخاري: قال الطبرى: فإن قيل: أي الذِّكْرين أعظم ثوابًا: الذكر الذي هو بالقلب، أو الذِّكْر الذي هو باللسان؟ قيل: قد اختلف السَّلف في ذلك، فروي عن عائشة أنَّها قالت: "لأن أذكرَ الله في نفسي أحبُّ إليَّ من أن أذكُره بلساني سبعين مرَّة"، وقال آخرون: ذِكْر الله باللِّسان أفضل؛ روي عن أبي عُبيدة بن عبدالله بن مسعود قال: "ما دام قلْب الرَّجُل يذكر الله تعالى فهو في صلاة، وإن كان في السُّوق، وإن تحرَّك بذلك اللِّسان والشَّفتان، فهو أعظم".

قال الطبري: "والصواب عندي أنَّ إخْفاء النَّوافل أفضل من ظهورها لِمن لم يكن إمامًا يُقتدَىذكر الله أو في سوق؛ وذلك أنه أسلم له من الرياء، وقد روينا من حديث سعد بن أبي وقاص عنالنبي - صلَّى الله عليه وسلَّم -  أنَّه قال: «خيرُ الرِّزق ما يكفي، وخير الذِّكْر الخفي».

ولِمن كان بالخلاء أن يذكُر الله بقلبه ولسانه؛ لأنَّ شغل جارحتين بما يُرضي الله تعالى أفضلُ من شغْل جارحة واحدة، وكذلك شغْل ثلاث جوارح أفضلُ من شغل جارحتَين، وكلَّما زاد فهو أفضل، إن شاء الله تعالى".

وقال ابن القيم في "طريق الهجرتين": "فإذا شهِد العبد ذِكْرَ ربِّه تعالى له ووصل شاهده إلى قلبِه، شغَله ذلك عمَّا سواه، وحصل لقلبه به غنًى عالٍ لا يشبهه شيء، وهذا كما يحصل للممْلوك الذي لا يزال أستاذُه وسيِّده يذكره ولا ينساه، فهو يحصل له بشعوره بذِكْر أستاذه له غنًى زائد على إنعام سيِّده عليْه، وعطاياه السنِيَّة له، فهذا هو غنى ذِكْر الله للعبد، وقد قال فيما يروي عن ربِّه - تبارك وتعالى -: «مَن ذكرني في نفسِه ذكرتُه في نفسي، ومَن ذكرني في ملأٍ ذكرْتُه في ملأٍ خيرٍ منهُم»، فهذا ذِكْرٌ ثان بعد ذكر العبد لربِّه غير الذِّكْر الأوَّل الذي ذكره به حتَّى جعله ذاكرًا، وشعور العبد بكلا الذِّكرين يُوجب له غنى زائدًا على إنعام ربِّه عليْه وعطاياه له ... والمقصود أنَّ شعور العبد وشهودَه لذكر الله له يُغْني قلبه ويسدّ فاقته، وهذا بخلاف من نسُوا الله فنسيهم؛ فإنَّ الفقر من كلّ خير حاصل لهم، وما يظنُّون أنَّه حاصل لهم من الغِنى، فهو من أكبر أسباب فقرهم".

هذا؛ وقد بيَّن شيخ الإسلام أنَّ الذِّكْر الكامل ما كان باللِّسان مع القلب، وغير الكامل ما كان بالقلب فقط، فقال في "مجموع الفتاوى": "نظير قوله: {وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ} [الأعراف: 205] قوله - صلى الله عليه وسلَّم - فيما روى عن ربِّه: «
مَن ذكرني في نفسه ذكرتُه في نفسي، ومن ذكرني في ملأ ذكرتُه في ملأ خير منه»، وهذا يدخل فيه ذكرُه باللسان في نفسه؛ فإنَّه جعله قسيم الذِّكْر في الملأ، وهو نظير قوله: {وَدُونَ الجَهْرِ مِنَ القَوْلِ} [الأعراف: 205]، والدَّليل على ذلك أنَّه قال: {بِالغُدُوِّ وَالآصَالِ} [الأعراف: 205]، ومعلوم أنَّ ذكر الله المشْروع بالغدو والآصال في الصَّلاة وخارج الصَّلاة هو باللسان مع القلب، مثل صلاتَي 
الفجر والعصر، والذِّكر المشْروع عقب الصَّلاتين، وما أمر به النَّبيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - وعلَّمه وفعله من الأذْكار والأدْعية المأثورة من عمل اليوم والليلة المشْروعة، طرفي النَّهار بالغدوِّ والآصال، وقد يدخُل في ذلك أيضًا ذِكْر الله بالقلْب فقط، لكن يكون الذِّكْر في النَّفس كاملاً وغير كامل، فالكامل باللِّسان مع القلْب، وغير الكامل بالقلْب فقط".

ومما سبق يتبين أن ذكر الله بالقلب، وبدون تحريك الشفتين، مشروع،،


به، وإن كان في محفل اجتمع أهلُه لغير
والله أعلم.

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More